الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة من سيرأس البلاد: السبسي "المكشّخ" أم المرزوقي "الكلوبيست"؟

نشر في  16 ديسمبر 2014  (16:28)

ينتظر ملايين التونسيين ما ستفرزه صناديق الاقتراع لحساب الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية المزمع اجراؤه هذا الأحد للفصل بين المترشّحين الباجي قائد السبسي ومحمد منصف المرزوقي في أول تقليد سيرسي ببلادنا الى منهج ديمقراطي في الانتخابات الرئاسية، حتى وان اتّسم مشوار التنافس بينهما ببعض الشوائب غير المرغوب فيها نأمل ألا تدنّس المسار الديمقراطي بنفحات من الخلافات الحادة والهنات التي كادت تقسم البلاد الى شمال وجنوب.. ومساند لهذا ومؤيد لذاك...
المهمّ في كل ذلك أن "الروح الرياضية" غابت وبمنتهى الوضوح في السباق نحو قصر قرطاج وهو أمر يتحمّل مسؤوليته الاسمان المذكوران ومن التفّ حولهما في حملة المساندة من الجانبين بما أن الجميع نزع الى منهج التجييش والتحريض واستهداف الأخر في صراع خال من البهارات الرياضية وأعرافها في التنافس الشفّاف، ولأجل ذلك عمدنا في هذه المساحة الى الخوض في جانب منسيّ ومخفيّ حول الأهواء الرياضية لكلا الاسمين وما عرف عن صلتهما بالرياضة عموما..
وقبل الغوص في الأمر لا بدّ من التنبيه الى نقطة مهمّة أشرنا اليها على هامش الدور الأول وتتمثل في غياب تام للاشارة الى برامج ووعود رياضية في مضمون خطاب الرجلين رفقة بقية المنافسين..وها أن الخلل يتكرّر أيضا في الدور الثاني حيث لم نر ولو تلميحا واحدا الى تعزيز ميزانية وزارة الشباب والرياضة مثلا وهي التي تبدو السلطة الأقرب الى فئة عمرية عزفت عن الادلاء بأصواتها في الدور الأول وكذلك الحال في الانتخابات التشريعية..كما أن فئة الشباب تعدّ رأس المال البشري لتنمية البلاد وها أنهم (أي الشباب) يلاقون الجحود والنكران، وهذا من العوامل المؤدية رأسا الى تعشيش وتفريخ بؤر التوتر والارهاب والتطرّف ببلادنا في حال ما تواصل النسيان...

القطيعة والكتاب الأسود...

لئن حاول محمد المنصف المرزوقي على هامش اجتماعه الشعبي الأخير في قبة قصر الرياضة بالمنزه أن يظهر وجها أخرا مخفيا عن شخصيته وذلك بمشاركته في مواجهة رياضية عقب الاجتماع المذكور بأنصاره، الا أن ذلك لم يقدر على اخفاء ومحو قطيعة تامة بين المرزوقي والرياضة والرياضيين عموما...والدليل أنه لم يكلّف نفسه حتى عناء تكريم فرقنا المتوّجة قاريا واقليميا زمن ترؤسه للبلاد..وعلى العكس فانه استقبل الأهلي المصري منذ سنتين في قصر قرطاج عقب هزمه للترجي الرياضي في نهائي دوري أبطال افريقيا، كما اتّسم بسلبية مفرطة زمن التراشق بالتهم بين عديد الجامعات الرياضية والوزير الأسبق طارق ذياب...
من جهة أخرى اقتصرت علاقة المرزوقي بالرياضيين على حشر بعض الأسماء والجمعيات في اصداره الشهير والمتمثّل في "الكتاب الأسود"، وهو ما كان سببا وفق عديد الملاحظين في خفض منسوب شعبية الرئيس المؤقت لدى فئة جماهيرية كبيرة تبقى كرة القدم وفرقها على وجه التحديد أمرا مقدّسا لديها ولا يقبل المساس في نظرها...
قطيعة المرزوفي لم تمنع وفق مصادر مقربة منه التأكيد بأنه "افريقي الهوى" وأنه كلوبيست وان حاول بتر علاقته بالمشهد الرياضي وعدم اظهار أي اهتمام بالشأن المذكور...وهذا أمر مفروغ منه لأن الرياضة كانت طيلة فترة حكمه في ذيل الاهتمامات...

"المكشخة" وطيف بورقيبة

على طرف نقيض من منافسه نحو قصر الرئاسة، يبدو كتاب السبسي سهل التصفّح رياضيا بما أنه ترجيّ الى حد النخاع وتقلّد في زمن سابق مسؤولية في فريق الدم والذهب ولم يخف السبسي الأمر..ولعلّ مازاد في كشف ميولاته أنه تأسّى بقدوته التاريخية وهو الحبيب بورقيبة الذي كان رئيسا شرفيا للترجي..وها أن السبسي يسير على منواله والدليل أن نجله حافظ قائد السبسي كان الى حدّ زمن قريب نائبا لحمدي المدب في هيئة شيخ الأندية.
السبسي جمع أيضا بعض الرياضيين من حوله في نداء تونس ومن بينهم منصف السلامي ومختار التليلي ورضا شرف الدين ونبيل معلول ومحمد كمال الحمزاوي وبشير بن عمر وشهاب بلخيرية وغيرهم..أي ما يعني "تكتيكا" ذكيّا من زعيم النداء بحشد حركته بوجوه بارزة من مختلف الجهات ..حتى وان كان تمثيل النادي الافريقي ضعيفا بحسب ما يبدو في تركيبة حزبه وكذلك من الوجوه المقرّبة اليه رياضيا...
هذه المؤشرات ولئن كانت ثانوية في سباق التنافس ولن تحشد طبعا جماهير الغريمين الأزليين (أي الافريقي والترجي) قبل دربي محتدم ثلاثة أيام فحسب اثر اجراء الانتخابات، الا أنها لن تمنع من اضفاء أكسسوارات رياضية تخفّف دون شك من وطأة التنافس السياسي والذي بلغ أقصاه بالتراشق بالتهم والأوصاف.. في وقت نأمل فيه وننتظر ترييضا لمشهد سياسي لا يحتمل مزيد الاحتقان...فأيّ الوجهين سيحكم البلاد: "الكلوبيست" أم "المكشّخ"؟


طارق العصادي